إصداراتنامراجعات كتب

جوانب بلاغية من خلال رواية” أحلام العودة ” للمؤلف إبراهيم السهلي

بقلم: عبد الحق لمهى. أستاذ وطالب شعبة اللغة العربية.

تروم هذه المقالة القصيرة تبين وبيان بعض المباحث البلاغية في رواية ” أحلام العودة” لمؤلفها: الأستاذ والباحث في علم الاجتماع، والروائي إبراهيم السهلي ، صاحب الخبرة في التدريس والتأليف في الدرس الفلسفي.

للباحث كتابات منها: تدريس الفلسفة من أجل مقاربة ديداكتيكية للاشتغال على النص في درس الفلسفة، ومن مؤلفاته الروائية الأدبية، نذكر الرواية موضوع مقالنا هذا.

لا نطيل حديثا حول السيرة العلمية للمؤلف، إذ له مجموعة مشاركات علمية منشورة في كتب جماعية…

قد يطرح القارئ سؤلا أوليا، حول وجه العلاقة بين البلاغة والرواية، وفي محاولة لتقديم بعض المداخل المعينة على فهم طبيعة هذه العلاقة، يمكن القول إن الفنون الأدبية أجناس عديدة منها الرواية، وهذا أمر معلوم لدى الدارسين والباحثين والمهتمين بمجال الأدب، وليس المجال مجال تفصيل في هذه القضية، فربما تكفي هذه الإشارة في هذا الصدد.

إذا سلم هذا الزعم من منازع، أي أن هناك وجودا علاقة بين الرواية والأدب، فإن سؤالا آخر يفرض نفسه وهو ما وجه العلاقة بين الأدب (الرواية) وبين البلاغة ومباحثها؟ مرة أخرى ومحاولة للجواب عن هذا السؤال، أشير إلى أن الأدب فن من مهامه إمتاع وإقناع المتلقي، وحتى تتم له هذه الغاية، لابد له من آلة تحقق هذا المبتغى، في هذا السياق تأتي البلاغة باعتبارها وسيلة لتنمية الذوق الإبداعي باستعمال مختلف صورها التي يستعين بها المؤلف / الروائي والأديب حتى يضمن حسن الإمتاع والإقناع وتنجح عملية التواصل بينه وبين المتلقي.

علاقة بموضوع المقال، وربطا بين البلاغة والرواية ” أحلام العودة” للباحث الصاعد، إبراهيم السهلي، أحاول بشكل مختصر، تناول بعض المباحث/ الظواهر البلاغية من خلال متن الرواية البديعة.

معلوم لدى أهل الاختصاص من البلاغين أن الخبر والإنشاء من فروع البلاغة، قيل: ” كل كلام فهو إما خبر، أو إنشاء.

والخبر: ما يصح أن يقال لقائله: إنه صادق فيه، أو كاذب؛ كــ: “سافر محمد، علي مقيم”

والإنشاء: ما لا يصح أن يقال لقائله ذلك؛ كـ: “سافِرْ يا محمد، أقِمْ يا علي””[1].

إن الرواية التي بين يدي القارئ الكريم، حافلة بمجموعة من الجمل العربية الدالة على الخبر والإنشاء، من ذلك: ” الليل يتراءى بظلامه” [2]، ” أقلب كل الصور” [3] فهذه بعض العبارات أوردتها الرواية، وكأن لسان حال الكتاب إخبار عن وقائع وأحداث يلقي بها إلى السامع في قالب بلاغي يضفي جمالية على النص.

بجانب الخبر، هناك الإنشاء، وقد حبلت الرواية بشواهد كثيرة دالة على توظيف هذا الصنف من مباحث البلاغة، نقرأ للروائي قوله: ” مرحبا، كيف الحال؟ “، ” من الطارق؟” [4]، فتلك أساليب استفهام، وقوله: ” يا وليدي، يا نور عيني”، وهذه تدل على النداء.

ومن المباحث البلاغية الإسناد، ويعرف بأنه: “هو علاقة تربط بين عنصرين لغويين ببعضهما، فنسمي أحدهما مسنداً، ونسمي الآخر مسنداً إليه.”[5]، الحديث عن الإسناد في اللغة العربية / البلاغة حديث عن الفعل والفاعل، والمبتدأ والخبر، وبتقليب صفحات الرواية نجد هناك عبارات تضمنت الفعل والفاعل، وهي كثيرة في هذا العمل الروائي. نذكر على سبيل المثال لا الحصر، ” لعبت قريتنا…” [6]

يعد التشبيه أحد أركان الدرس البلاغي العربي، وفي الرواية تشبيهات عديدة، نذكر منها على سبيل المثال: ” ارتمت الصغيرة في حضني دون ان تنبس باي كلمة، كطائر يعود الى عشه، تشبيه للصغيرة بالطائر وأداة التشبيه هي الكاف، مثال آخر من التشبيهات: ” يصعد كسمكة قرش …”، [7] هنا تشبيه للشخص الذي يصعد بسمكة القرش.

وللتكرار وظائف في بلاغية، فهو أسلوب مهم من أساليب الإمتاع والإقناع، وقد وظفت الرواية التكرار في مواطن، منها ” أمين صادق وصادق أمين ” [8]

من الطبيعي، أن لكل عمل جوانب من القوة والقصور، على أنني لم أتطرق ـ في هذا الصدد ـ لمختلف جوانب الضعف في الرواية.

وختاما حاولت من خلال هذا المقال الوقوف عند بعض الشواهد البلاغية التي وردت في الرواية، لإبراز مدى حضور الدرس البلاغي في متن الرواية.

وإذا كانت المدرسة والجامعة وغيرها من المؤسسات العلمية، تدرس البلاغة للطلاب والمهتمين، فإن هذا الكتاب يمكن اعتباره أحد من الكتب “التمرينية”  المساعدة على معرفة مدى تحكم الطالب أو المتعلم من الدرس البلاغي، ومنه أرى أنه من الكتب المفيدة التي يحسن توفرها في مكتبة المهتمين بمجال الأدب عامة، والرواية خاصة.


[1] ـ أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن، تعريف الخبر والإنشاء، الألوكة الأدبية واللغوية، شوهد في 2025/06/19  ، https://www.alukah.net/literature_language/

[2] ـ أحلام العودة رواية، إبراهيم السهلي، الراصد الوطني للنشر والقراءة، طنجة المغرب، الطبعة الأولى ابريل 2025م ، ص 5

[3] ـ نفسه، ص 24

[4] ـ نفسه،26

[5] ـ الإسناد في اللغة العربية، موقع باحثو اللغة العربة، شوهد في 2025/06/19،  https://bahethoarabia.com/isnad //

[6] ـ أحلام العودة، مرجع سابق، ص 48

[7] ـ  نفسه، ص 12

[8] ـ نفسه، 94.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
تواصل معنا
error: Content is protected !!