السير والمذكرات السياسية المغربية موضوع ندوة بالدار البيضاء


متابعة: سعيد بدار
نظم مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية – مدى، بشراكة مع مؤسسة سعيدة الكيال للسلام، تراث، وإبداع، ندوة فكرية تحت عنوان:
“السيرة الذاتية والمذكرات المغربية في علاقتها بالذات والحقيقة، والتاريخ والسياسة”، وذلك يوم السبت 17 ماي 2025، ابتداء من الساعة الثالثة زوالاً، بـدار الثقافة أحمد صبري بالدار .
نشق أشغال الندوة الأستاذ كمال فهمي. استهل فهمي الجلسة بمقدمة تأطيرية أبرز فيها أهمية السير والمذكرات السياسية في إعادة بناء الذاكرة الجماعية، وكشف المستور من التاريخ السياسي الوطني. كما أشار إلى السياق الثقافي والفكري للندوة.
المداخلة الأولى في اللقاء قدمها ذ/ابراهيم أزوغ استهلها بالتمييز بين السيرة الذاتية من جهة، والسير والمذكرات السياسية من جهة أخرى، معتبرا أن لكل منها خصائصه ووظائفه. ثم توقف عند مفهوم “جرأة قول الحقيقة”، موضحًا أنه لا يعني مجرد السرد، بل القدرة على سرد الذات والتاريخ دون تزييف أو تبرير. بعد ذلك انتقل لتحليل نماذج السير والمذكرات السياسية المغربية، حيث سجل غيابا ملحوظًا للجرأة. واعتبر أن كثيرا من هذه النصوص تفتقر إلى الصراحة وتجتنب الخوض في القضايا الأساسية والمهمة والمغيبة في التواريخ الرسمية وما يتم تداوله في الاعلام. كما بيّن أن المذكرات والسير السياسية غالبا ما تُوظف للتبرير او لتلميع صورة الذات أو تصفية للحسابات، لا لكشف الحقيقة. وأشار إلى أن الرقابة المؤسسية والرقابة الذاتية الذاتية، والقيود السياسية والثقافية، تلعب دورًا في تغييب الصدق. ختم مداخلته بالتأكيد على ان اهمية المذكرات والسير السياسية تكمن والكتابة بجرأة التي تحفظ الذاكرة السياسية من النسيان والتزييف وتساهم في تشكل الذات السياسية المغربية.
طرح أسامة الزكاري إشكالية العلاقة بين التاريخ والمذكرات السياسية، متسائلًا عن مدى صلاحية هذه النصوص كمصدر لكتابة التاريخ. أكد أن المذكرات تعكس وجهة نظر شخصية تخضع للانتقاء والتأويل، ما يجعلها غير كافية وحدها لإعادة بناء الحقيقة التاريخية. ورغم ذلك، يرى الزكاري أن لها قيمة توثيقية تكمل المصادر الأخرى، خاصة في ما يتعلق بالوقائع غير المدونة رسميًا. أشار إلى أن كتابة المذكرات تتم غالبًا بعد التقاعد أو التراجع السياسي، مما يؤثر في صدقها وتوقيتها. كما نبّه إلى أهمية قراءة هذه المذكرات نقديًا لا استهلاكها بشكل مباشر. ودعا إلى تطوير أدوات تحليل هذه النصوص لكشف التداخل بين الذاتي والسياسي والتاريخي.
في مداخلته قرأ عز الدين العلام فقرات من سيرته الفكرية التي تعكس تشكل وعيه في سياقات اجتماعية وسياسية مضطربة. استعاد ملامح من طفولته في وسط تقليدي متدين، حيث بدأت تساؤلاته الأولى حول الدين والسلطة. وفي مرحلة المراهقة، تأثر بالخطاب الإسلامي الرائج آنذاك، قبل أن تبدأ التحولات الفكرية الكبرى في الجامعة. تحدث عن الصدام بين الفكر الإسلامي التقليدي والتفكير الفلسفي النقدي الذي اكتشفه في دراسته الأكاديمية. كما أبرز كيف شكّلت الجامعة لحظة انفتاح على تيارات فكرية جديدة، وولادة مشروعه النقدي. وظهرت من خلال المقتطفات نزعة تأملية تراجع الذات وتفكك المسلمات. وعبّر عن رغبته في تحرير القول من ثقل الإيديولوجيا نحو كتابة فكرية حرة ومسؤولة.
عرف اللقاء نقاشا واسعا ومعمقا حول المذكرات وختم بقراءات شعرية وزجلية.